Emirates Scholar Research Center - Research Publishing & Indexing Center

التسامح الديني والتعايش الثقافي في الأندلس

المؤلفون: محمد ظاهري
المؤتمر: المؤتمر الدولي الثاني لحوار الحضارات والتسامح 2025
الكلمات المفتاحية التسامح الديني، التعايش الثقافي، الأندلس، حوار الأديان، الأخوة الإنسانية


خلاصة

يشكل العنصر الإسلامي سمة مميزة لماضي إسبانيا وأحد مكونات هويتها الثقافية فعاليـة إسبانيا الاستثنائية بالإسلام تعود إلى القرن الثامن الميلادي، عندما فتح المسلمون شبه الجزيرة الإيبيرية سنة 711م (93هــ) وقد استمر الوجود الإسلامي رسميا في إسبانيا حتى سقوط مملكة غرناطة عام 1492م (898هــ) خلال الحكم الإسلامي لشبه الجزيرة الإيبيرية (711م – 1492م)، قدمت الأندلس نموذجًا فريدًا للتسامح الديني والتعايش الثقافي، حيث تلاقت الثقافات الثلاثة الكبرى الإسلام والمسيحية واليهودية، في إطار من التعايش والتفاعل الخلاق لا تزال آثاره حاضرة إلى يومنا هذا إن على مستوى الفكر والفلسفة (ابن رشد، وابن ميمون وآخرون)، أو الأدب والثقافة (ابن حزم، ولادة بنت المستكفي، ابن زيد الخ الخ.)، أو العمارة والهندسة (قرطبة الجامع ومدينة الزهراء في قرطبة، وقصر الحمراء في غرناطة)، أو على مستوى الزراعة والري (محاكم توزيع الري والمياه في إقليم فالينسيا) أضف إلى كل هذا، كل هذا الكم الهائل من الكلمات الاسبانية من أصل عربي، المستعملة يوميا في إسبانيا وأمريكا اللاتينية، والتي تمثل ما يقارب 8٪ من إجمالي المفردات الاسبانية، أي ما يزيد عن 4.000 كلمة، بما في ذلك الأصوات قليلة الاستخدام. ظهر الاهتمام بالنموذج الأندلسي للتسامح في العصر الحديث بدءًا من عام 1791، في الثورة الفرنسية حينما نشر الكاتب الفرنسي جان بيير كلاريس دي فلوريان جان-بيير كلاريس دو فلوريان (1755م – 1794م) كتابه الشهير “ملخص تاريخي عن المسلمين ، والذي تناول فيه لأول مرة مسألة التسامح بالأندلس مشيدا بـ”[….] هؤلاء المسلمون، الذين قدموا لنا العديد من المؤرخين على أنهم برابرة متعطشون للدماء، سيتركون لشعوب البلدان المفتوحة عبادتهم وكنائسهم وقضضاتهم”. وبعده بحوالي ستين سنة سينشرها البولوني هاينريش غرايتس-هاينريش غرايتس-هاينريش غرايتس (1817-1891م-1891م) كتابه الشهير “تاريخ اليهود، والذي قدّم من خلاله المجتمع الأندلسي كمثال وقدوة لاندماج اليهود الذين تمكنوا من الحفاظ على ثقافتهم ودينهم وتبنوا، في الوقت ذاته بعض قيم وعناصر المجتمع المضيف، مثل اللغة العربية نفس المنحى نحاه نحاه المؤرخ الإسباني أميريكو كاسترو كيسادا-أميركو كاسترو كيسادا (1885م – 1972م)، الذي أصدر عام 1948م، منفاه في الولايات المتحدة الأمريكية كتابه المعنون إسبانيا في تاريخها المسيحيون المسيحيون والمسلمون واليهود واليهود والذي بيّن من خلاله أن التعايش بين المسيحيين واليهود والمسلمين في العصور الوسطى شكل أحد خصائص إسبانيا، وهو تعايش نشأ في الأندلس واستمر حتى منتصف القرن الرابع عشر وخلال الربع الأخير من القرن الماضي خصوصا بعد وفاة الجنرال فرانكو سنة 1975م ودسبانيا في مسلسل الانتقال الديمقراطي الديمقراطي عن مصالحة بين الأطياف السياسية المتصارعة من قوى اليمين واليسار منذ الحرب الأهلية الاسبانية (1936-1939)، ورأب الصدع بين حكومات أقاليم كاتالونيا والباسك وأندلسيا-الأندلس، من جهة، والسلطة المركزية في مدريد، من جهة ثانية، تبنى كثير من المفكرين والمثقفين والسياسيين شعار “إسبانيا بلد الثقافات الثلاث “اقتداء بتجربة “التسامح الأندلسي”. ونظرًا للتداعيات التي عاشتها في عام 2001 (11 سبتمبر-أيلول 2004) وبعد أحداث سنة 2004 (11 مارس- 11آذار 2004)، مما أدى إلى ارتفاع العداء للإسلام والمسلمين، وكذا تبني بعض التنظيمات السياسية المحافظة بهذه البلدان لنظرية “صراع الحضارات” لصاموئيل فيليب هانتنغتونصموئيل فيليبس هنتنغتون (1927-2008)، كانت أحد الأسباب وراء عودة موضوع “النموذج الأندلسي للتسامح للنقاش من جديد في إسبانيا والغرب بشكل عام، بدءاً من سنة 2004، كرد قبل عدد كبير من المفكرين والمثقفين وجمعيات المجتمع المدني على هذه التيارات التيارات الداعية لصراع الحضارتين الغربية والشرقية (الإسلامية)، والمحرضة على الكراهية تجاه الإسلام والمسلمين وهكذا، وتماشيا مع هذا النقاش، ستتبنى الحكومة الاسبانية سنة 2004 مبادرة “تحالف الحضارات” اقتداء بالنموذج الأندلسي للعيش المشترك منذ ذلك الحين، ظهرت العديد من الأبحاث وكذا بعض الأعمال الإبداعية والروائية حول التسامح الأندلسي تناولتها كتابات مؤرخين ومستنيربين وكتاب إسبان هذه المواضيع والجدل الذي رافقها، بين ممجد ومتحفظ، ستكون محور محاضرتنا

1 View
Scroll to top
Close
Browse Categories
Browse Tags