الأمن المعرفي: أساس الهوية الوطنية والنمو الوطني

الأمن المعرفي.. دعامة للهوية الوطنية والتنمية – بقلم معلي د. عبد الله بلحيف النعيمي

دُعيت بالأمس القريب إلى جامعة الشارقة للحديث عن الأمن المعرفي ودوره في دعم الهوية الوطنية. وأمام جمع من المتخصصين في الشريعة والقانون وأساتذة وكُتّاب وطلبة علم، وجدت نفسي في حيرة بين الحديث عن القيمة المعرفية، أو تحديات المستقبل للهوية الوطنية في ظل التحولات الرقمية والثقافية المتسارعة.
لقد بات الأمن المعرفي ضرورة استراتيجية لضمان استقرار المجتمعات، وحماية الهوية، وتعزيز التنمية المستدامة. ولا يقتصر الأمن المعرفي على حماية المعلومات، بل يشمل سلامة الفكر، واستقلالية الإنتاج العلمي، ووعي الأفراد بالمخاطر الفكرية والثقافية.


أولاً: مفهوم الأمن المعرفي


الأمن المعرفي هو قدرة المجتمع على إنتاج المعرفة، وحمايتها، وتوظيفها في خدمة التنمية، مع ضمان سلامة الفكر من الانحرافات والتضليل. ويشمل:
• حماية الهوية الثقافية من التغريب.
• تعزيز التفكير النقدي والوعي المجتمعي.
• تأمين البنية التحتية الرقمية.


ثانياً: محاور استدامة الأمن المعرفي


1- الإنتاج العلمي والمعرفي المحلي
• وفقاً لتقرير اليونسكو (2023)، فإن الدول العربية تسهم بأقل من 1% من الإنتاج العلمي العالمي.
• الإمارات رفعت نسبة الإنفاق على البحث والتطوير إلى 1.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، مقارنة بـ0.9% في عام 2019.

2- الأمن السيبراني المعرفي
• بلغت تكلفة الجرائم السيبرانية عالمياً أكثر من 8.4 تريليون دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 10.5 تريليون في عام 2025.
• الإمارات ضمن الدول العشر الأولى عالمياً في مؤشر الأمن السيبراني، وفقاً للاتحاد الدولي للاتصالات.


3- الوعي الفكري والثقافي
• دراسة أجرتها مؤسسة «البيان» تشير إلى أن 62% من الشباب العربي يعتمدون على وسائل التواصل كمصدر رئيسي للمعلومة، ما يزيد من خطر التضليل.
• برامج مثل «الوعي المعرفي الوطني» في السعودية والإمارات تهدف إلى تعزيز التفكير النقدي لدى الطلبة.


4- السياسات التعليمية والإعلامية
• إدماج مفاهيم الأمن المعرفي في المناهج الدراسية بدأ في الإمارات منذ عام 2022، ويشمل التربية الإعلامية، التفكير النقدي، وأخلاقيات المعرفة.
• الإعلام الوطني يلعب دوراً في تعزيز الهوية، حيث أطلقت هيئة تنظيم الإعلام في الإمارات مبادرة «إعلام آمن معرفياً» عام 2023.


ثالثاً: التحديات


• الاعتماد على المعرفة المستوردة من دون تطوير محلي.
• ضعف التنسيق بين المؤسسات الأكاديمية والتشريعية.
• انتشار المعلومات المضللة عبر المنصات الرقمية.

رابعاً: توصيات لتعزيز الاستدامة


1. إنشاء مرصد وطني للأمن المعرفي لرصد التهديدات الفكرية والرقمية.
2. دعم البحث العلمي المحلي وربطه بالاحتياجات الوطنية.
3. تعزيز الثقافة الرقمية الآمنة لدى جميع فئات المجتمع.
4. تطوير سياسات تعليمية وإعلامية تدمج الأمن المعرفي في الممارسة اليومية.


الخاتمة:
الأمن المعرفي ليس خياراً، بل ضرورة وجودية لضمان استقرار المجتمعات، وحماية هويتها، وتحقيق التنمية المستدامة. إن استدامته تتطلب تكاملاً بين الفكر والسياسة والتقنية والتعليم في منظومة وطنية واعية ومحصّنة.

اقرأ ايضًا: فهم إيكولوجيا بيئات الجنوب العالمي: 2025 حلول قوية

5 Views
Scroll to top
Close
Browse Categories
Browse Tags