Time to Build Proactive Cities: Shaping Resilient Urban Futures

معالي الدكتور عبد الله بلحيف النعيمي – حان الوقت لبناء مدن استباقية

تجسد عبارة «في المدينة، الإمكانيات لا حدود لها، والأفق بلا نهاية» جوهر الفرص اللامتناهية التي توفرها البيئات الحضرية.
إن التنمية، باعتبارها عملية مستمرة لاقتصاد المدينة، توفر فرص عمل كبيرة لسكانها. غير أنه في إطار التغيرات البيئية، تم تجاهل عوامل المرونة والاستدامة التي يجب اتباعها للحفاظ على رفاهية المجتمع بشكل واضح.

ونتيجة لذلك، يواجه العالم تهديدات مناخية بسبب التوسع في المناطق الحضرية. ومع انتقال السكان من القرى، يتوقع الخبراء أن يعيش 70٪ من سكان العالم في المدن بحلول عام 2050.
من الطبيعي أن يشعر مخططو المدن بالقلق وعدم الرضا بسبب تنامي المشهد المعماري العشوائي. إذ يتطلب تحديث وتحسين البنية التحتية تريليونات الدولارات، ما قد يجعل الناس أكثر عرضة لتقلبات المناخ والأضرار البيئية.

يعود ذلك إلى أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية وزيادة الظواهر الجوية المتطرفة يرتبطان غالبًا بسوء التخطيط، وضعف الأنظمة المؤسسية، ورداءة مواد البناء، وأنماط استخدام الأراضي، ونقص الخدمات العامة الأساسية.

العمل الوقائي

تنص أهداف التنمية المستدامة (SDGs) على أن تكون المدن «شاملة، نظيفة، مرنة، ومستدامة». لذلك، يجب أن يركز النهج على هذه المفاهيم، مع وضع استراتيجيات قادرة على مواجهة جميع الاحتمالات.

ورغم تنفيذ عدة خطط وبرامج ومبادرات من قبل الدول المتقدمة والنامية، إلا أنه يجب أيضًا التركيز على قدرة الأنظمة على استعادة الاستقرار السابق في حال وقوع الكوارث. يجب أن تمتلك المدينة القدرة على التكيف والتعديل والتغيير استجابةً للتحديات الداخلية والخارجية.

كما أن المبادرات المجتمعية، مثل المشاريع الزراعية، الابتكارات الرقمية، والرصد البيئي القائم على البيانات، يمكن أن تتنبأ بالاتجاهات المناخية، ما يسمح لأصحاب المصلحة باتخاذ إجراءات في الوقت المناسب. وتساعد هذه المبادرات على حماية الأجيال القادمة، خصوصًا الفئات الضعيفة مثل النساء والأطفال وذوي الإعاقة، من التهديدات المناخية.

الحوكمة الفعّالة

تلعب الحوكمة القوية، بما في ذلك السياسات الصديقة للمناخ والقيادة الفعالة، دورًا محوريًا في حماية البيئة. ويشمل ذلك:

  • تحفيز الممارسات المستدامة
  • تطبيق آليات تسعير الكربون
  • إجراء تقييمات لمخاطر المناخ

وفي الوقت ذاته، يعد الاستعداد لمواجهة الكوارث أمرًا ضروريًا. إذ إن الاستثمار في أنظمة الاستجابة للكوارث أساسي للتخفيف من آثار الأزمات والطوارئ. كما أن بناء سلاسل إمداد قوية لضمان الوصول إلى السلع والخدمات الأساسية أثناء الأزمات أمر حاسم، ويجب إدماجه في اللوائح الحضرية لضمان الاستدامة طويلة الأمد.

ومع اتحاد الحكومات والمواطنين والصناعات لتبني استراتيجيات استشرافية، سيضمن ذلك أن ترث الأجيال القادمة بيئة صحية. وفي عصر تزايد عدم اليقين المناخي، تحتاج المدن حول العالم إلى نهج متعدد الأبعاد لإنشاء مساحات حضرية جاهزة للمستقبل.

من التحدي إلى التغيير

وكما أن المدن تعد مساهمًا كبيرًا في انبعاثات الكربون العالمية، فإنها أيضًا يمكن أن تكون عوامل تغيير قوية. فالتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري، كما أن تخصيص مناطق للمشاة، ومسارات الدراجات، والحافلات الكهربائية، وأنظمة النقل العام الفعّالة، يمكن أن يغير طريقة تنقل السكان.

إلى جانب ذلك، فإن إدارة النفايات المستدامة، وبرامج إعادة التدوير، وتقنيات تحويل النفايات إلى سماد، تقلل من كمية النفايات المرسلة إلى المكبات، وتغرس ثقافة المسؤولية البيئية في المجتمع، وتخفض الانبعاثات.

دور الأمم المتحدة

يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) مع الدول على تطوير مشاريع البنية التحتية، بهدف تحسين ظروف المعيشة في المدن، والسكان النازحين المتأثرين بالأحداث المناخية. ويشمل ذلك التعاون في تطوير مشاريع معمارية خضراء ومستدامة، ودعم أهداف التنمية المستدامة من خلال دمج الاستدامة في تخطيط وتمويل البنية التحتية.

كما يقود البرنامج مبادرات لتحويل التمويل العام والخاص لدعم هذه المشاريع. ويُعَد مركز الطاقة المستدامة التابع له منصة لإعادة تشكيل أنظمة الطاقة ودفع أهداف التنمية والمناخ قدمًا. كما يساعد الدول في إعداد خطط التكيف الوطنية (NAPs) واستراتيجيات التنمية منخفضة الانبعاثات على المدى الطويل (LT-LEDS).
تركز خطط التكيف على التكيف مع آثار تغير المناخ، بينما تهدف استراتيجيات التنمية منخفضة الانبعاثات إلى الانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون. وتكمل كل منهما الأخرى، وهما أساسيتان لتحقيق أهداف اتفاق باريس، بما في ذلك الحد من الاحتباس الحراري وبناء القدرة على الصمود أمام المناخ.

نهج المرافق الذكية

تساعد مبادرات المرافق الذكية التابعة للبرنامج شركاء الأمم المتحدة والحكومات على بناء بنية تحتية مستدامة ومرتبطة رقميًا. ومن جزر المحيط الهادئ إلى إفريقيا جنوب الصحراء، يتعاون البرنامج مع الحكومات والصناعات لدمج التكنولوجيا وحلول الطاقة المتجددة في البنية التحتية.

كما أطلق البرنامج مبادرة Greening Moonshot، وهي التزام بخفض البصمة الكربونية للمنظمة بنسبة 50٪ بحلول عام 2030، من خلال تمويل مشاريع الطاقة والنقل الكهربائي في مرافقه حول العالم، مما أسهم في تجنب انبعاث آلاف الأطنان من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، إلى جانب تحقيق وفورات في استهلاك الطاقة.ولسنوات، سعت المدن للحصول على لقب «المدينة الذكية»، لكن هذا المصطلح بات بحاجة إلى إعادة تعريف. فالمدن الجاهزة للمستقبل يجب أن تكون ذكية، لكنها أيضًا قوية وقادرة على الصمود.

اقرأ أيضًا: إعادة تخيّل البلاستيك: معاهدة من أجل مستقبل الإنسانية – لمعالي د. عبدالله بلحيف النعيمي

4 Views
Scroll to top
Close
Browse Categories
Browse Tags