الجمع في التأثر بالمقتضى الإنساني بين المسلمين وغيرهم
Authors: المرسي محمود ابراهيم المرسي
Conference: 2nd International Dialogue Of Civilization And Tolerance Conference 2025
Keywords: الثقافة الحقائق, الموضوعية ,المشترك ,الإنسانى ,العرض ,الأحقية
Abstract
فالحقائق – من خلال أدب طرحها – مهمة جدًا في مصلحة الإنسان وسبيل نجاته في الدنيا والآخرة، وضمانة للحياة الطيبة، وسبيل السلم المجتمعي والدولي، والتعايش الآمن المستقر. ولابد أن تقرن الحقائق بأدب الطرح – فهما وجهان لعملة واحدة-، ولا يقبل الفصل بينهما؛ فمن دواعي الأسف أن تظلم الحقائق بسوء الطرح، وأن يتصور أهل الطرح أنهم دعاة حقيقة، وهذا وهم لا صلة له بالواقع. والإنسان تائه في الحياة المعاصرة بين مفاهيم فاسدة وتصورات خاطئة وتلبيس بطرق ملتوية ليس فيها مصلحة له في معاشه وفى معاده. ومن التدابير المعاصرة لكشف الحقائق للإنسان أن يتولى أمرها كفاءات في جميع التخصصات؛ يتمتعون بمهارات الجمع بين المحافظة على الثوابت ومراعاة المتغيرات، ومخاطبة القلوب والعقول بهدف تحقيق المصلحة لها في الدنيا والآخرة. وثقل طرح الحقيقة يعنى به الأمناء من أجل صلاح الآخرة، فهي الأعلى والأغلى وتتضاءل معايير الدنيا كلها أمام هذا المقصد النبيل. ومن التصورات الخاطئة أن التصريح بالحقائق لون من إتعاس الحياة وجلب النكد والصدام، والدخول في ورطات لا مخرج منها، فهذا فيه جناية كبيرة على الحقيقة، وعلى الإنسان نفسه الملبس عليه، وعلى الحياة المعاصرة والأجيال القادمة. ولا يضيق الإسلام بفكر وتطبيق التعايش وتلاقى الحضارات، وإذا كان الإسلام قد سمح للمسلم الزواج بكتابية والعيش سويًا في بيت واحد، وتكون بينهما حياة عاطفية واجتماعية، فكيف يرفض الإسلام التعايش مع المخالفين وأصحاب التصورات الأخرى؟ وكل ما تنادى به الدعوة التصريح بالحقائق، وبعد ذلك: فالناس أحرار في اختيار ما يريدون وما يختارون، وإذا كان الإسلام لم يلزم في داخله أحدًا على شعائره، فالإلزام من ذات الإنسان ومن قناعته، والمجتمع يرى الحياة والسلوكيات فيها ولا توجد وسائل تكره الناس على سلوك بعينه، فالأبواب مفتوحة للسلوك الحميد والدعوة إليه بالحسنى، ومن اختار الدخول فلنفسه ومن أحجم وامتنع فعلى نفسه. وهكذا عرض العقيدة الإسلامية بلا إكراه، وبكل سلمية، فمن قبلها فلنفسه ومن امتنع عنها فعلى نفسه. وأجد في الحياة المعاصرة أهمية خدمة الإنسان نفسه عقديًا والبحث عن أبواب الحقيقة والدخول إليها في حالة فيها كثير من تلبيس الحقائق، وقليل من كشفها بوضوح. فالمشترك الإنساني في مجالات كثيرة، ويظهر عند دواعيه ومقتضياته، وهناك لغة مشتركة تظهر في المواقف والوقائع والأحداث، وإن لم يكن التعبير عن هذه اللغة، وإن لم يكن التهيئة لها والدعوة إلى إبرازها، فتتلاشى أمامها كل دعوات التعبير بالفصاحة والبيان، وتظهرها المواقف بكل فصاحة عملية وبيان تطبيقي. والأحقية مبدأ سام، وقيمة نبيلة، فالأخ أحق بأخيه، والقريب أحق بقريبه، والزوجة أحق بالزوج والزوج أحق بالزوجة، وتتسع النظرة لأحقية الغنى بالفقير والقوى بالضعيف والأستاذ بالطالب والعالم بالجاهل والداعية بالمدعو، والفاضل أحق بالقيم الرفيعة والمبادئ المثلى،