Emirates Scholar Research Center - Research Publishing & Indexing Center

التعايش السلمي في الإسلام والحوار الحضاري قراءة في المرتكزات والمشتركات

Authors: Lahcen Elouazzani
Conference: International Dialogue Of Civilization And Tolerance Conference – Abu Dhabi 2024
Keywords: التعايش_ السلم Mالحوار الحضاري ,المرتكزات, الكرامة الإنسانية, الامارات ا


Abstract

فمما لاشك فيه أن التعايش السلمي مطلب أسنى من المطالب التي تهفو إليها المجتمعات، وهو إلى ذلكم شرعةٌ إلهيةٌ سنيةٌ، وسنةٌ نبويةٌ مصطفوية، تجلّت في جميع الشرائع والثقافات وكفى بالسلم فخراً أنّ الباري جلّ وعز تسمى به، فقال: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ}[سورة الحشر23]، فالسلامُ اسمٌ من أسماء الله الحسنى لتنزهه سبحانه وسلامتهِ من العيب والنقص والفناء، فليس في الوجود سلامةٌ إلا وكانت معزيةً إليه صادرةً منه، وهو أيضا تحيةُ المؤمنين يوم يلقون ربهم: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً}[ سورة الأحزاب44]. كما لا يخفى على حصيف عاقل أن الدين أمر وضيفي يُمكّن الإنسان من رؤية للعالم، تُمكنه من أن يتموقع، تُمكنه من الاستبصار بأفعاله ومآلات أفعاله، تُمكنه هذه الرؤية من أن يحدد علائقه، ويمكن إمكان الحوار بين الديان إلى تعميق النظر بين الأديان الإبراهيمية للوقوف على سبل السلام في العالم وتحقيق التقدم الحضاري والإنساني. فلم تتميز حضارة من الحضارة ولا شريعة من الشرائع بما تميز به الإسلام بمبادئه وتشريعاته الإنسانية، والتي جسدت أرقى صور السمو الحضاري والرقي الاجتماعي؛ شرعنا الحنيف؛ الذي أتى بمنظومة قيم شاملة، دعت إلى الحفاظ على النوع البشري، من خلال مجموعة الأخلاق الكلية العامة، وسنّت أحكاما تدعم هذه الأخلاق في النفوس، وتُحدث انسجاما وأُلفة بين العبد ومحاسن الشيم والأفعال، فهذه القيم المشتركة بين الديانات السماوية قيم كلها تستهدف إسعاد الإنسان فرداً واجتماعاً، وتستهدف أن تحل نوعاً من التوازن الحضاري الكوني. فهذه المعاني المتضافرة يدل تواردها المكثف في نصوص الوحي، على أنّ الإسلام يجسد هذه القيم الإنسانية كلها جوهرا ومنهجا وسلوكا في خطابه، وذلك على الحوار بالمنهج الأمثل في قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عمران64]السلم والتعايش قضية مركزية في المنظومة القيمية والسلوكية للمسلمين. وأنّه من المواضيع الراهنة التي تسعى المجتمعات إلى تحقيقه والعمل على تثبيت معانيه العامة داخليا وخارجيا لينعم الجميع في حل وأمان وسلام. وحتى تضح الرؤية الشمولية للبحث حاولنا أن نمثل بدولة الامارات العربية المتحدة باعتبارها أحد أهم الدول السباقة إلى العمل على توظيف الرؤية القرآنية في بناء المشترك الإنساني وتعزيز ثقافة التعايش السلمي؛ فحاول البحث أن يجب في شقه التطبيقي على العوامل التي جعلت الدولة قبلة للتعايش ومقصد للسلم والسلام في العالم، من خلال الرؤية الرشيدة لصاحب السمول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حفظه الله والذي صار على نهج أسلافه المنعمين المؤسسين وعلى رأسهم المؤسس الشيخ زايد طيب ثراه. وعليه تبحث هذه الورقة في مرتكزات التعايش السلمي وأثره في بناء الحوار والمشتركات الإنسانية بين مختلق الثقافات والأديان، وتعيين الإمكانات التي يمكن أن يقوم عليها السّلم والتسامح؛ والحوار بين الأديان مفهوم حضاري يشير إلى نوع من التفاهم والتواصل بين مختلف الأطياف؛ إذ إنه لا يمكن أن يكون حوار مثالي خارج المشترك وروح الفطرة الإنسانية.

1.4K Views
Scroll to top
Close
Browse Tags