Authors: Doaa Baheyeldin
Conference: International Dialogue Of Civilization And Tolerance Conference – Abu Dhabi 2024
Keywords: المسيحية، الإسلام، الأقباط، الحضارة، العرب، الثقافة
Abstract
ينضوي الجميع مسيحين ومسلمين عربًا في إطار ثقافة واحدة ذات تشعبات وظلال، ولغويًّا هم ينتمون إلى المجموعة اللغوية السامية كما ينتمون إلى نفس الحضارة؛ وانطلاقًا من أننا نبحث عن مشتركات -وما أكثرها- فإنني سوف أحاول من خلال السطور التالية إبراز أهم تلك المشتركات في أوجه مختلفة شاركت المسيحية بطريقة فعالة في نشأة وتكوين الحضارة العربية، وعلينا أن ندرك كيف استطاع المسيحيون أن يتعايشوا في إطار الحضارة الاسلامية العربية ويشعروا أنهم جزء أصيل منها وكانوا عنصرًا فاعلاً في تشييد الحضارة العربية. وشارك كثير منهم في تعريب التراث اليوناني ولمعت أسماء لا حصر لها في مجالات متباينة. ويشهد التاريخ أن العلماء والمؤرخين الأقباط كانت لهم إسهامات في الحضارة الاسلامية وجد الفتح الإسلامي عند دخوله بلاد الشام والعراق ومصر حضارة موغلة في القدم وشعوبا لديها تاريخ في كل المجالات الحضارية. وقد أدرك العرب ذلك فاستطاعوا مع اتساع نطاق الدولة الاسلامية أن يأخذوا من الأمم التي اختلطوا بها وأن يضفوا على ما أخذوه الطابع العربي الإسلامي وهو ما حدث مع أقباط مصر الذين استطاعوا أن يمصروا الوافد العربي من خلال إضفاء الصبغة المصرية واستطاع العربي أن يفرض عليهم لغته العربية – على الرغم من أنها لغة جمعت بين كونها لغة عربية ولكنها تحمل العديد من القواعد والمفردات القبطية فأصبحت لهجة مصرية أو عامية. وفي مصر امتزجت الثقافة العربية الإسلامية عندما دخلت مصر مع عمرو ابن العاص بثقافة المصريين القبطية السائدة حينذاك، وشمل هذا الامتزاج الفن والعمارة والأدب، واختلط الفاتحون بأهل البلاد في جميع مناحي الحياة؛ إذ لم تقتصر على المبادلات الاقتصادية والإدارية بل جاوزتها إلى المجال الديني والفكري أيضًا مما أدى إلى تلاقح بين الفاتحين والشعب المصري، وجمعت بين المسلمين والمسيحيين حياة مشتركة أثناء القرون الأولى للاسلام للدرجة التي كان فيها المتصوفة من المسلمون يحتكمون إلى النساك المسيحيين لاستشارتهم في الحياة الروحية، وصراحة فإن المدقق لتاريخ مصر منذ الفتح العربي حتى الآن لن يجد فروقًا بين التراث الإسلامي والمسيحي بغض النظر عن العقيدة والتي هي الأخرى سوف نحاول تأكيد أنها متماثلة إلا في أمور هينة، وسوف يلقي البحث الضوء على أهم الروافد التي اشترك فيها كل من المسيحيين والمسلمين على مر التاريخ وحتى يومنا هذا.